الثلاثاء، 6 يناير 2009

اتصل بزيرو تسعمية والعب قمار واكسب حج وعمرة

منذ فترة كنت اسمع هذا الإعلان فى راديو السيارة اثناء استعمالى للمذكورة فى التوجه للعمل او العودة منه حيث تكون هذة هى فرصتى الوحيدة يوميا لمتابعة الإذاعة بعد ان اختفى بند الجرائد او كاد من حياتى بسبب ضيق الوقت
موسيقى روحانية من النوع الذى اعتادت آذاننا سماعه مع الاعمال الدينية، ثم يهل علينا صوت الفنانة المعتزلة وهى تداعب احلامنا جميعا بزيارة البيت الحرام ومسجد الرسول علية الصلاه والسلام، ثم تقدم لنا اسرع واسهل وسيلة لتحقيق ذلك الحلم الذى تتمناه الغالبية الساحقة منا، ألا وهى الإتصال برقم من تلك الأرقام التى تبدا بزيرو تسعمية (0900) بسعر الدقيقة كذا لكى تدخل سحب قد يسفر عن فوزك برحلة حج او عمرة، وينتهى الإعلان بأن تعلن الفنانة المعتزلة عن اسمها، وهى واحدة من هؤلاء اللاتى نظرا لشهرتهن يصرن بعد التزامهن قدوة للكثيرات ممن يقررن اتخاذ الإلتزام الدينى منهجا لحياتهن
وطبعا فإننا مع عودة الجحيج وحكاياتهم الطيبة عن تجربة زيارة بيت الله الحرام واثرها الجميل فى النفوس فإن مثل هذة الدعاية تكون مؤثرة جدا، ومع وجود العنصر النفسى المتمثل فى الفنانة المعتزلة التى يعرف الكثيرون انها التزمت دينيا فإن معظم الشبهات تزول من النفوس لكى يسارع الكثيرون بطلب الرقم المذكور ودفع ثمن عدة دقائق تشكل بعض الجنيهات للحصول على فرصة لكسب الجائزة التى يتم تمويلها من حصيلة الدقائق التى دفعها المتصلون
والآن يبقى سؤال بسيط يؤرق امثالى ممن لديهم الحد الادنى من المعرفة بالدين، فأنا لا أدعى فهما او تعمقا اجادل به الراسخين فى العلم ولكنى فى النهاية تربيت فى بيت مصرى تقليدى مبنى على حساسية فطرية لشبهة مخالفة الشرع
السؤال هو ببساطة: ما هو تعريف القمار، اليس القمار هو اكتتاب مجموعة من المساهمين بمالهم رهنا للعبة او مسابقة او شرط معين ويحصل على كل المال او بعضه من يفوز باللعبة او يحقق الشرط، هذا هو القمار كما اعرفة سواء كان كان المبلغ المكتتب يشكل نسبة محسوسة من الجائزة كما فى حالة العاب الورق والعاب المائدة التى يكون عدد المشتركين بها قليل،او لو كان المبلغ لا يمثل قيمة محسوسة من الجائزة ولهذا اعتبرت الرهانات على الألعاب الرياضية ومسابقات اللوترى (اليانصيب) بدورها العابا للقمار المنهى عنه شرعا بحسب معلوماتى
اما السؤال الثانى فهو ، ما الفرق بين ان يكون طريقة دفع المال فى مسابقة اللوترى هى شراء بطاقة عليها رقم، او ان تكون اجراء مكالمة بكلفة مرتفعة يتم تحويل ثمنها الى منظم المسابقة بمعرفة شركة الإتصالات التى تتقاضى المال من المتصل؟. اليس فى النهاية مالا يدفع رهنا للعبة حظ
والسؤال ثالث؟ هل يصلح ان اقف امام الله ضارعا فى بيته الحرام لأقول له انى لم استطع اليك سبيلا سوى القمار فتقبل منى واصفح عنى؟
اما السؤال الرابع فهو كيف تتقبل المؤسسات الدينية فى مصر نشر اعلانات كهذة
والسؤال الأخير عن تلك التى قبلت المشاركة فى هذا الإعلان برغم انها تعرف جيدا ان ظهورها الإعلامى سيشكل قدوة للكثيرات،
منذ اعوام عندما قامت احدى شركات الهاتف المحمول بعمل دعاية لجوائز تمنحها لمن يشترون خطوطها تتمثل فى سيارات فاخرة وقامت ببناء فكرة الإعلان على المقارنة بين من عمل عشرات الأعوام لشراء هذة السيارة بين من حصل عليها بشراء خط هاتف محمول قامت الدنيا ولم تقعد ثائرة على ذلك الإعلان الذى يحط من قيم العمل والإجتهاد، ومع ذلك فأنا لم اجد من يتحدث عن اعلاننا الحالى الذى يبتز اموال الفقراء فى لعبة قمار بمداعبة اغلى احلامهم بزيارة الأرضى المقدسة،
والدى-رحمه الله عليه- لم يكن ممن يطلقون اللحية او يقصرون الثوب، ومع ذلك فان احد الأشياء التى كان يحاربها بضراوة وجود اى اوراق لعب بحوزة اى منا، لأنه كان يرى انه، حتى ولو لم نستخدمها فى القمار فاننا بطول العهد بها سوف نستخدمها فى القمار، وكان اسلوبه معنا فى الإقناع بضررها يرتكز على ثلاثة محاور، الأول منها هو حرمانية القمار، والثانى هو الضرر الشخصى الذى يعود على المقامر بخسارة ماله ومن ثم مستقبله على المدى الطويل، واخيرا الضرر الإجتماعى عندما يتربى جيل كامل على قيم الكسب السريع فإن ذلك سوف يهدم منظومة العمل واحترام الإنتاج والقيمة المضافة فى المجتمع، وعلى ذلك فإنه اوراق اللعب التى قد تقود للقمار يوما ما هى من الأشياء الغير مناسبة للمواطن الصالح لما فيها من احتمال ان يتجه للقمار لاحقا (اخر مرة تلقيت تعنيفا من والدى على حيازة اوراق لعب كان عمرى 26 سنة وكنت اعمل واعيش من دخلى واشتركت فى لعبة استميشن فى رحلة كان هو معنا فيها وطبعا كانت اللعبة بريئة تماما بعيدة عن نوع من انواع المقامرة، وكانت هذة آخر مرة يعنفنى فيها على شئ-رحمه الله-قبل وفاته!!!!!!!!!!!!!!!)والآن وانا اشاهد اعلانات القمار التى لا تكتفى بترسيخ قيم الكسب السريع ولكن تدفع الناس لقبول فكرة ان القمار يمكن ان يتخذ وسيلة للحج ارفع يدى داعيا الله بان يتغمد والدى برحمته واقول انه لو كان عاش حتى يومنا هذا لأصيب بالشلل من مثل هذة الأفكار الغريبة التى اصبح مجتمعنا يتقبلها

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق