الثلاثاء، 6 يناير 2009

انا مبسوط لأول مرة

انا مبسوط جدا هذا الصباح
فلست مضطرا الى ان احلق ذقنى
ولست مضطرا لكى خرقة القماش التى سأستر بها جسدى وادعى بها الوجاهة امام الناس
ولماذا اكويها وانا لن البسها اصلا
لست مضطر لقيادة سيارتى من مدينة نصر الى المهندسين عبر مطبات وحفر وخوازيق شوارع القاهرة
لست مضطرا لمغادرة بيتى مع العصافير حتى الحق بالطريق قبل ان يمتلئ بالأوغاد من سائقى الميكروباس والنقل والتاكسى والشرطة والجيش الذين يبدون لى وكأنهم قد خرجوا من بيوتهم ولا هدف لهم سوى ان ينكبونى فى سيارتى
لست مضطرا لغلق الف فقل ومليون محبس مياه ونزع ما لا يحصى من فيش الكهرباء لتأمين بيتى من السرقة والحريق
لست مضطرا للتشاجر مع مناديين المهندسين وقتل احدهم كعادتى اليومية للحصول على مكان انتظار لسيارتى
لست مضطرا لاتخاذ الف تدبير امنى لمنع الأطفال الأوغاد من اتلاف سيارتى بلوحاتهم الفنية وبجلوسهم على مقدمتها ،ومليون تدبير امنى اخر لمنع اللصوص الأوغاد من السطو عليها
لست مضطر لتقبل إهانات مديرى المهذبة وتعاليمه التى لا تنتهى وطلباته التى تحتاج الى قرون لتنفيذها ويحتاج هو ان اقوم بإنهائها امس وليس غدا
لست مضطر لتحمل لزوجة عامل الشاى والقهوة الذى لا يفتأ يفتش ادراجى ويدس راسه فى شاشة حاسبى الآلى بدعوى العشم
لست مضطر لتحمل غباوة مساعدينى من الموظفين الجدد الذين يتمتعون بقدر من الهبل وانعدام الحيلة اشعر معه ان آخر فرصة لوطننا فى التقدم كانت مع جيلنا ، ان لم تكن مع الجيل السابق علينا
لست مضطرا الى العودة للمنزل عبر كوبرى اكتوبر الذى يذكر كل من يعبرونه يوميا بعبور اكتوبر العظيم لما يلاقونه من معاناه فى عبور كوبرى العذاب والضنا هذا المسمى كوبرى اكتوبر
لست مضطرا لشراء لوازم المنزل وتحمل غش الخضرى فى الميزان، وسفالة الجزار الذى يضع لى العظم مع اللحم، ووقاحة الفكهانى الذى يبدل الفاكهة السليمة باخرى معطوبة بعد وزنها
لست مضطرا لقضاء الليل فى البلكونه اصرخ فى من يلعبون المدعوقة كرة القدم فى الشارع-قاتل الله كرة القدم وذلك المأفون الذى اخترعها وبلانا بها-بالإبتعاد بمحروقتهم عن سيارتى التى لا املك شراء فوانيس لها لو كسرتها كرتهم الملعونة
لست مضطرا للنوم قلقا بسبب ما لم انجز من عمل يجثم كالكابوس على صدرىولماذا اضطر لهذا كله، فلم اعد بحاجة لأى شئ من الدنيا
لم اعد بحاجة لشئ من الدنيا .......
فأنا قد مت
مت وارتحت ، اجلس سعيدا داخل كفنى وقد ارحت رأسى من كل تلك التوافه التى تشغلكم ورحت اخرج لكم لسانى-او ما تبقى منه- وانا اراكم تتصارعون على ما لا قيمة له، ألا ما احلى الموت
..
...
....
.....
للأسف اننى لا ازال على قيد الحياه ولم امت بعد، لكنى مع كل ما ارى من هذة الدنيا ،بالفعل انتظر هذا اليوم بفروغ صبر

هناك 4 تعليقات:

  1. بجد حتة موضوع جامد جدا...كأنك بتوصف حياة ناس كتيره كل يوم...بجد اسلوب حضرتك جامد جدا...عاجبنى جد المقاله دى.


    الف شكر ياباشا .....وبجد حضرتك موهوب جدا

    ردحذف
  2. لفت نظري المقطع "لست مضطر لتحمل غباوة مساعدينى من الموظفين الجدد الذين يتمتعون بقدر من الهبل وانعدام الحيلة اشعر معه ان آخر فرصة لوطننا فى التقدم كانت مع جيلنا ، ان لم تكن مع الجيل السابق علينا".
    أتمنى ان يكون هذا المقطع مجرد جزء من لوحة الفنان البوهيمية والتي من المتوقع ان يكون فيها بعض المبالغة احيانامن اجل ان تبهر الجميع. كل قلقي ان يكون الكلام بجد وتكون بتعبر عن الشخص اللي قاعد جنبك على بعد كرسي واحد لليمين :).
    الموضوع جميل جدا.
    امضاء: اللي قاعد بعدك بكرسي على اليمين.

    ردحذف
  3. انت لا تستطيع أن تطوع الحياه كما تريد
    هى و هى فقط تستطيع طحنك
    و تستمر تفعل
    الى ان يرحمك الله
    افهمتً معنى رَحِمَهً الله ؟

    ردحذف
  4. هذا المقال يصف حالتى بدقة اثناء زيارتى للمقابر سعادة طاغية بلا هموم تافهة

    ردحذف