الثلاثاء، 6 يناير 2009

يوميات مريض انفلونزا

اصبت بمرض الأنفلونزا منذ يومين نتيجة سهرة فى الهواء الطلق ، وبرغم اتخاذى للتدابير الأمنية اللازمة من معطف صوفى ثقيل وكوفية وطاقية صوفية لكن يبدو ان موضوع الأنفلونزا لا علاقه له بكل هذا الهراء وانما هو زائر قدرى موسمى على ان اعد العدة لاستقباله، شانه فى ذلك شأن شم النسيم والعيد الكبير ودخول المدارس ، لكن هذا المرض ولطبيعته الموسمية اصبح مرتبط بالكثير من الطقوس والعادات التى سأحاول ان اسجل خواطرى حولهاكل عام تأتى اصابتى بهذا المرضى كنوع من انواع الصفعة على قفاى، فدائما اتخذ كل احتياطات التدفئة و يصاب كل من حولى وانا لا ازال بصحتى مما يدفعنى للثقة الزائدة فى جهازى المناعى وفى اجراءاتى الأمنية ، وهكذا وبعد ان ابدأ فى اخراج لسانى للأخرين قائلا لهم "انا جدع" تأتى تلك الليلة التى يحتقن فيها بلعومى ناقلا ألى رسالة صغيرة من فيروس الأنفلونزا محتواها:" كان غيرك اشطر"
برغم ان الأطباء وصفوا اعراض هذا المرض إلا ان لدى ما اضيفه فى هذا الشأن مما لم يقله الأطباء ، فالأطباء وصفوا الآلام والإحتقان والزكام إلخ، لكن انا دايما بحس بعرض آخر، هو ما يمكن وصفة بحالة من حالات "الونونة" او انى مثلا "عامل دماغ" ، تتمثل حالة من عدم الإتزان اثناء المشى الى جانب شئ من ضغف الإستجابة العصبية للمؤثرات الخارجية، وضعف الإستجابة ده حكاية لوحده ، لأنى لما بآجى الف دماغى يمين او شمال مثلا بحس انى بلف دماغ واحد تانى وان دماغى انا لسة مطرحها، وبعد ثانية او اتنين بحس ان دماغى نفذت الأمر ولفت، كذلك ساعات اهرش او احط ايدى على ضهرى باحس انى بهرش لواحد تانى مش لنفسى وبعد ثانية او اتنين احس ان فيه حد جه هرشلى اما الطف اعراض هذا المرض فهى ما اسميه "الليلة الكبيرة" وهى عادة ما تكون الليلة الثانية او الثالثة بعد ظهور اول الأعراض، وهذة الليلة عموما تكون الليلة التى ترتفع فيها الحرارة بشدة مما يؤدى الى سلسلة مبتكرة من الكوابيس يتخللها عدد لا نهائى من مرات الأستيقاظ ليلا، الليلة دى انا قضيتها امبارح مع مجموعة مش طبيعية من الأوهام اذكر منها حلم واحد كنت فيه مندوب مصر للمفاوضة مع المندوب السامى البريطانى فى حقوق اضافية تحصل عليها مصر تحت الإحتلال الإنجليزى ، وكان المندوب السامى البريطانى هو الممثل احمد عقل ، اما المفاوضات فكانت تتم فى فصل مدرسة حكومية ، وقس على ذلك كمية ضخمة من التخاريف استمتع بها فى ليلة الأوهام الكبيرة
اما مشكلى مع طاقتى الأنف فحدث عنها ولا حرج، فانا من جيل ما قبل الكلينكس وحتى وصلت للسن التى يصعب فيها اكتساب عادات جديدة كان الكلينكس ده تقليعة بتاعة الناس المرفهة، وبالتالى لم استطع ابدا اكتساب عادة شراء ولا حمل الكلينكس ، وهكذا اجد نفسى فى ورطة كلما ثقلت على وطأه الزكام تستدعى ان ازوغ من اى اجتماع عمل بدعوى الذهاب للحمام، وانا بالفعل اذهب للحمام، لكن لإفراغ طاقتى انفى،التى يكسبهما فيروس الأنفلونزا عنادا لا نهاية له، فإذا تمكنت من تسليك اليمنى انسدت اليسرى واذا فتحت للهواء مجرى فى اليسرى ينغلق فى اليمنى، وهكذا يضيع النهار بأكمله فى زيارات الحمام ومحاولات تسليك انفى حتى اكاد اشعر ان مخى يكاد يسيل من طاقتى انفى تحت وضأة الضغط، مما يجعلنى افوض امرى الى الله واتنفس من فمى ، خصوصا بعد ان يلتهب كل جلدى حول الأنف
مع حالة الصداع والونونة والأنفصال الجزئى عن العالم احاول ان اغوص داخل فسيولوجيا جسمى لأرى بعين الخيال قسم البحث والتطوير R&Dفى مصنع كرات الدم البيضاء فى الجسم، وقد انهمك كل اعضاؤه على تصنيح نموذج اولى Prototype لجسم مضاد يناسب الموديل الجديد من فيروس الأنفلونزا ، اكاد اسمع النقاش الدائر بين اثنين من افراده يقول احدهم للآخر: اخبار الprototype ايه يا دكتور دى إن إيه، ركب على الفيروس وللا لسة، فيرد عليه الآخر قائلا، لأ لسة مش مقابس عليه، فيه تخانات زيادة عايزة تتشال بالمبرد، فيقول الأول ، عايزين ننجز علشان احنا مفضيين خط الأنتاج كله للجسم المضاد دة علشان لازم نسلم الطلبية دى فى خلال 3 ايام، انتظر انا تسليم طلبية الأجسام المضادة واقضى الأيام الثلاثة ما بين الليمون والباراستيمول ومضاد حيوى لا لزوم له سوى انه يهد حيلى بدون داعىحتى اصحو ذات يوم لأجد الصداع قد زال وطاقتى الأنف تعملان بكل كفائتهما وعادت رأسى للإحساس بأنها رأسى انا وليست رأس حد تانى، فأعرف ان الأجسام المضادة اشتغلت وتم اعتقال كل افراد الفيروس المهاجم ، فأحمد الله على ما من به على من نعمة الصحة ، واهى مناسبة وعدت ، وربنا يعيده علينا بالخير زى العيد الكبير وموسم دخول المدارس وشم النسيم
ادعوا لى بالشفاء

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق