الجمعة، 9 يناير 2009

العام 2000 وبداية الألفية واثرها فى الثقافة البشرية

الرقم 2000، ظل طوال القرن الماضى رقم له سحر خاص جدا حيث يمثل بداية الألفية الجديدة، ولذلك ظل الكثير من كتاب الخيال العلمى فى الحقبة الماضية يحكون عن ما سيصير اليه العالم عام 2000 بكثير من المبالغة ، مثل قصص السيارات الطائرة التى تقود نفسها والروبوت الذى سيقوم بكل شئ من اول اعداد ساندويتشات الطعمية الى طب المخ والأعصاب بدون تدخل بشرى


لكن فى بدايات التسعينات ظهرت نظرية مرعبة سرعان ما تحولت الى كابوس يهدد البشرية كلها عن كارثة العام 2000 والتى عرفت باسم مشكلة Y2K وسبب هذة التسمية ان الحرف K اختصار لكلمة kilo والتى تعنى 1000 وبالتالى فإن 2K تعنى 2000 أما الحرف Y فهو اختصار لكلمة year ،وبالتالى فإن Y2k ترمز للعام 2000 ، اما المشكلة فهى تخص الأجهزة الإلكترونية والتى تحمل ساعة ونتيجة الكترونية داخل منظومه برمجتها ، حيث ان معظم المبرمجين فى حقبة الثمانينات واوائل التسعينات كانوا يفضلون عدم شغل مساحات كبيرة من ذاكرة الأجهزة -والتى كانت محدودة جدا بطبعها انذاك-بأربعة ارقام تخص العام ، وبالتالى فالعام 1980 مثلا يراه الجهاز بشكل 80 وهذا يعنى ان العام التالى لعام 99 سيكون فى نظر الجهاز هو عام 00، وهذا سيكون معناه ان الجهاز لو انه يقوم بتخزين تواريخ للأحداث (مثال حركة حسابات العملاء فى البنوك مثلا) سوف يصاب بارتباك قد يؤثر على كل حساباته (مثال ، لو حاول الجهاز حساب الفائدة على مدخرات مواطن متروكة فى البنك منذ عام 96 وحتى العام 00 فأن النتيجة ستكون بالسالب ، وكأن الزمن يسير للخلف، وقس على ذلك آلاف الأمثلة للإرتباكات الىت يمكن ان تحدث)وبناء على ذلك عمل العالم كله على اعادة برمجة كل حواسيب البنوك وشركات الطيران والبورصات والشركات الصناعية ، وقد تكلف هذا الكثير جدا لأنه كان الكثير من الأجهزة التى لا تزال تعمل مبرمجة بلغة الفورتران القديمة التى لم يعد يعمل بها الكثيرون ، وهكذا تم استدعاء هؤلاء الشيوخ لاعادة برمجة الأجهزة حيث كان كل منهم يتقاضى رقما فلكيا لبرمجة السطر الواحد فهى (سبوبة وانفتحت لهم)واصبحت من الطلبات الشهيرة انذاك لأى شخص يشترى جهازا ان يطلب ان يكون الجهاز y2K compliant اى متوافق مع عام 2000، اذكر اننى فى مجال عملى فى مجال اجهزة القياس والتحكم والتى تتراوح بين اجهزة ميكانيكية بسيطة ومنظومات الكترونية عملاقة وبالتالى كانت مشكلة العام 2000 تمس جزءا مهما من عملى، تعودت ان احصل على شهادات توافق للأجهزة الإلكترونية مع مشكلة عام 2000، لكن اطرف ما مر بى فى هذا الصدد كان طلب من شركة حكومية لتكرير البترول لتوريد اجهزة قياس ضغط (لا تختلف فى كثير او قليل عن عداد الضعظ البسيط الموجود فى منفاخ العجلات) وطلبوا مع هذا الأجهزة شهادات توافق مع مشكلة عام 2000، وعبثا حاولنا ان اقنعهم اننا لا نستطيع طلب هذة الشهادة من المصنع الأجنبى لهذة العدادات التى لا تحوى سوى مجموعة من التروس والمكابس الصغيرة، وليس فيها قطعة الكترونية واحدة ، لكن الرد كان (اتصرفوا، عندنا تعليمات من الوزارة ان كل الأجهزة الموردة للقياس والتحكم تأتى معها شهادة توافق مع مشكلة عام 2000) وكان التصرف الوحيد هو شهادة "مضروبة" تحمل المعنى المطلوب (وفى ذلك انا كمورد لم اكذب لأن الجهاز بالفعل متوافق مع عام 2000 ، حين انه لن تحدث له اى مشكلة مع حلول منتصف ليلة الألفية لأنه مافيهوش حاجة بتقيس التاريخ، وبكدة انا ماكذبتش لما عملت شهادة بتقول انه متوافق مع عام 2000)


مع حلول ليلة الألفية لم يكن العمل قد استكمل فى اعادة برمجة كل الأجهزة القديمة ، وتوقع الكثيرون هبوط الأسهم واغلاق بنوك وحرائق فى شركات الكيماويات واصطدام طائرات وبلاوى متلتلة، ومع ذلك لم تسجل ايه مشكلة ضخمة يوم 1-1-2000 سوى بعض مشاكل بسيطة جدا فى بعض الحواسيب القديمة فى بنوك طوكيو احتفل العالم بقدوم العام 2000 بشكل لم يسبق له مثيل ولن يتكرر قريبا ، حيث انه لأول مرة نرى اجهزة التليفزيون فى العالم كله تغطى حدث واحد وتتابع الساعة وهى تدق 12 ليلا فى كل مكان وفى العالم وكيف يستقبلها الناس فى كل مكان، من جزر نيو غينيا شرقا وحتى الوصول الى حزر فيجى غربا بعد مرور 24 ساعة كاملة من الأحتفالات على وجه الكرة الأرضية بالكامل


مع حلول العام 2000 حدث تغير طفيف فى المنظومة الثقافية البشرية حيث لم يعد الناس يشيرون الى العام برقمين فقط كما كان يحدث سابقا ، فبينما كان الناس سابقا يقولون (تمانية وتسعين بدلا من الف تسعمية تمانية وتسعين) مثلا ، اصبحوا الآن يقومون بذكر اسم العام بالكامل (الفين وتمانية)


كان بعض المؤمنين بالخرافات ينتظرون نهاية العالم عام 2000 ، وذلك بناء على نبؤة منسوبة للعراف الأشهر فى التاريخ البشرى(نوستر اداموس) لكن خاب املهم وبقى العالم كما هو بكل جماله وكل مشاكله ، وكذب المنجمون ولو صدقوا


ايضا مشكلة ثقافيه صغيرة حدثت قبل بدايةالعام 2000، حيث اشار البعض الى ان العام 2000 هو آخر عام فى القرن العشرين بينما ان القرن الحادى والعشرين يبدأ مع انتصاف ليلة رأس السنة لعام 2001 ، وحوربت هذة النظرية بشدة لما كانت تعد به من قتل لاحتفالات بداية الألفية، وبرغم صحة هذة الفكرة الى حد كبير الا ان الكيان البشرى العالمى رفض الإعتراف بها مفضلا ان تكون الاحتفالات الكبرى ليلة تغير الأرقام الأربعة


واخيرا يبقى ان اقول انه لما "آل فين" انا أولتله :هنا

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق